الأربعاء، 28 نوفمبر 2012


ماجينة الأطفال رهن التغييب والإعتقال



يبدأ رمضان في العراق قبل قدومه بأيام عديدة، فتكون الحركة غير اعتيادية في الأسواق والمحلات، حيث يشهد إقبال الناس ليتبضعوا ويشتروا لوازم شهر الصيام من مواد تموينية مثل العدس والماش ، والنومي بصرة والقمر الدين، والطرشانة وغيرها .
كذلك تحرص النساء العراقيات على الاهتمام بالحلويات وإعدادها لاسيما طبق حلاوة النشأ وحلاوة الشعرية ..
وكثيراً ما ينتظر الأطفال سماع إطلاق مدفع الإفطار عبر التلفاز وانتظار صوت المؤذن من أحد المساجد القريبة ليبدءوا تناول التمر وشرب قدح من اللبن ثم صلاة المغرب.
وبعدها يذهب الرجال ليقضوا اوقات ممتعة في لعبة المحيبس والتي يلعبها العراقيون منذ عهود طويلة و التي اشتهرت قبل عقود في المدن والمحافظات للتسلية نظراً لانعدام وسائل اللهو البريء في الماضي قبل ظهور الإذاعة المسموعة والمرئية .
كذلك من أهم وابرز العادات التي يحرص الأولاد على ترديدها في ليالي رمضان الكريم هي "الماجينة" وهي لعبة غنائية يمارسها الأطفال حيث تقوم مجموعة من الأطفال وعقب تناول طعام الإفطار بالتجمع في الأحياء ويحمل أكبرهم عُمراً كيساً من القماش ليدور مع زملائه على بيوت الحي ويبدأ أحد الأطفال بطرق أحد أبواب الجيران وينشدون مع الآخرين بصوت واحد:
ماجينة يا ماجينة .. حلُّوا الجِيس وأنطينه
تنطونه لو ننطيكم .. بيت مكة أنوديكـم
هاي مكة المعمورة .. مبنيّة إبجص ونورة
وإذا طال وقوف الأطفال أمام البيت ولم يخرج إليهم أحد منهم ليمنحهم شيء فإنّهم ما يلبثوا أن يرفعوا صوتهم منادين بقولهم:
يا أهل السطوح: "تنطونا لو نروح"
وما إنْ تسمع ربّة المنزل هذا النداء الطفولي حتى تخرج إليهم حاملة بيديها أو بوساطة وعاء كمية من الحلويات أو النقود لتوزعها عليهم وعندها يتسلّم كل واحد نصيبه من الهدايا ، وهنا يقفون أمام البيت نفسه ليرددوا باسم صاحبه فإذا كان ابن صاحب الدار اسمه محمد فإنّهم يصغرون اسمه إلى (حمودي) ويرددون معاً:
الله يخلِّي حمودي… آمين
ابجاه الله وإسماعيل… آمين
وهنا وبعد هذه المقدمة لا أريد أن أعكر أمزجة القراء الكرام بهذه اللمحة التأريخية التراثية التي تبعث على الحياة والسعادة في نفس كل عراقي لأننا كلنا قد مارسنا كل هذه الطقوس وحرص آباؤنا على ان يعطونا كل شي من اجل إسعادنا لكننا في المقابل ماذا أعطينا لأطفالنا وما فعلنا لحقوقهم الضائعة بيد السراق والنفعيين والقتلة من ساسة السلطة الحالية في العراق الذين ضربوا أعلى الأمثلة في القتل والتهجير والسرقة وسلب الحقوق وتفننوا في ممارسة الجرائم وعمدوا الى قتل الملايين من الرجال والنساء والأطفال واستخدموا كل هذه الجرائم ليبعثوا ويتبادلوا فيما بينهم الرسائل الدموية ... فسلبوا منا كل شيء ابتسامة أطفالنا وقدسية رمضاننا وفرحة عيدنا وسودوا علينا الأيام ، وبدل ان توزع النساء العراقيات الحلوى والمحلبي اصبحن يمسحن الدماء عن وجوه أطفالهن وأولادهن ورجالهن .. لكن هيهات ان تذهب كل هذه الدماء لان ربيع العراق لايجعلنا نغمض جفوننا وصوته في كل حين يستصرخنا ويصك أسماعنا : ما ضاع حق وراءه مطالب ......................


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق